أخبار
تحقيق التوازن بين حرية التعبير والسلامة: المخاوف والمخاطر بشأن سياسات ميتا الجديدة وتأثيرها على الفلسطينيين

2025-01-12

تحقيق التوازن بين حرية التعبير والسلامة: المخاوف والمخاطر بشأن سياسات ميتا الجديدة وتأثيرها على الفلسطينيين

يعرب حملة - المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي عن قلقه البالغ إزاء السياسات الجديدة لإدارة المحتوى التي أعلن عنها مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، هذا الأسبوع. ووفقًا لما أعلنه زوكربيرغ، سيتم استبدال مدققي الحقائق بميزة "ملاحظات المجتمع" المستوحاة من منصة "إكس" التي يملكها إيلون ماسك. أعلنت شركة ميتا أيضًا عن خطط لتقليل الإشراف النشط على الانتهاكات الأقل خطورة، مع التركيز بدلاً من ذلك على المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه من قبل المستخدمين، مع الاستمرار في استخدام الأنظمة الآلية للتعامل مع الانتهاكات الخطيرة.

إنّ تعزيز حرية التعبير أمر بغاية الأهمية للمجتمعات المهمشة والمضطهدة حول العالم، بما في ذلك الفلسطينيين الذين يظلون الفئة الأكثر استهدافًا ورقابة تحت سياسات ميتا التمييزية. يجب أن تُصمم سياسات إدارة المحتوى بحيث تحترم حرية التعبير، مع الالتزام في الوقت نفسه بتوفير بيئة آمنة للمستخدمين، بما في ذلك إزالة المحتوى الضار والعنيف. ومع ذلك، يجب أن تكون هذه السياسات عادلة ومنصفة وخالية من التحيّز، لكن الإعلانات الأخيرة من ميتا لا تبدو متماشية مع هذه المبادئ لعدة أسباب.

أولًا، أوضح زوكربيرغ مرارًا أن ميتا ستستمر في استخدام الأنظمة الآلية لمراقبة "المحتوى السيئ"، وذكر "الإرهاب" كمثال على هذه الأنواع من المحتوى. وبينما من المهم أن تزيل ميتا المحتوى العنيف الذي يدعم الأعمال الإرهابية، فإن الطريقة التي حددت بها ميتا الإرهاب تاريخيًا أثرت بشكلٍ سلبي وغير متناسب على المجتمعات المضطهدة حول العالم. فعلى سبيل المثال، سياسة "المنظمات والأفراد الخطيرين" الخاصة بميتا -والتي تُنظم إدارة هذا النوع من المحتوى- تمثّل بشكل مفرط العرب والمسلمين والفلسطينيين، ووصل الأمر إلى تصنيف خاطئ للمنظمات الإنسانية الفلسطينية، مما يؤدي إلى رقابة مفرطة وغير مبررة. إذا قامت ميتا بتقليل إدارة المحتوى بشكلٍ عام لكنها احتفظت بهذه السياسة المنحازة، فإن ذلك قد يقوض حرية التعبير للفلسطينيين والمجتمعات المهمشة بدلاً من تعزيزها.

ثانيًا، بالاستناد بشكلٍ واضح إلى منصة "إكس" كمصدر إلهام لبرنامج ملاحظات المجتمع، تبدو الاستراتيجية بأكملها في إدارة المحتوى مستوحاة من التغييرات التي قام بها إيلون ماسك. ولكن هذه الاستراتيجية أثبتت فشلها في حماية أصوات المجتمعات المهمشة وضمان المساءلة. فمنذ أكتوبر 2023، وثقت "حملة" أكثر من 11 مليون منشور عنيف ومناهض للفلسطينيين باللغة العبرية على منصة "إكس". علاوة على ذلك، تم تنظيم وتأجيج الاعتداء الوحشي على بلدة حوارة الفلسطينية عبر منصة "إكس". ورغم التحذيرات المتكررة من مركز حملة، لم تتخذ "إكس" أي إجراء، مما يُظهر صلة واضحة بين التحريض غير المنضبط على الإنترنت والعنف على أرض الواقع. إذا اعتمدت ميتا نفس النهج، فإن المنصة، التي تمتلك قاعدة مستخدمين أكبر بكثير من "إكس"، تخاطر بأن تصبح مكانًا أكثر خطورة للفلسطينيين.

ثالثًا، إنّ الاعتماد بشكلٍ أكبر على ميزة ملاحظات المجتمع والإبلاغ من قِبل المستخدمين عن المحتوى، سيخدم فقط الجماعات ذات الموارد والقوة الكبيرة. من خلال التخلي عن مسؤوليتها في مراقبة المحتوى بشكلٍ استباقي، تخاطر ميتا بتقديم خدمة للمجموعات القوية مثل جهات حكومية والمنظمات التي تستهدف المجتمعات المضطهدة، مما يزيد من البيئة العدائية ضد الأصوات الفلسطينية عبر الإنترنت.

أخيرًا، صرّح زوكربيرغ بشكل صريح قائلاً: "سنعمل مع الرئيس ترامب لمواجهة الحكومات حول العالم التي تستهدف الشركات الأمريكية". ويبدو أن هذا التصريح موجه ضد جهود الاتحاد الأوروبي التنظيمية الأخيرة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وقانون الخدمات الرقمية (DSA)، وقانون الذكاء الاصطناعي (AI Act). وعلى الرغم من أن هذه الأطر ليست خالية من العيوب، فإنها تمثل خطوة مهمة نحو مساءلة الشركات الكبرى وتحقيق توازن بين الحاجة إلى إنترنت آمن ومنصف وبين حماية الحق في حرية التعبير. إن مقاومة ميتا لهذه النظم والتشريعات تشير إلى تجاهل مقلق للمساءلة ولإطار حقوق الإنسان العالمي.

بينما تعد حرية التعبير أمرًا حيويًا ويجب حمايته، ينبغي أن تضع ميتا في أولوياتها حماية أصوات الفلسطينيين الذين يُعتبرون المجموعة الأكثر تضررًا من سياساتها التمييزية. دون وجود ضمانات واضحة ضد التحريض والتحيز المنهجي، قد تؤدي هذه التغييرات إلى بيئة رقمية أكثر خطورة للفلسطينيين، مما يجعل من الصعب عليهم ممارسة حقوقهم في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات.

انضم/ي لقائمتنا البريدية

وابقى/ي على اطلاع بأحدث أنشطتنا، أخبارنا، وإصداراتنا!