تهدف هذه الورقة لمراجعة مسوّدة قرار بقانون حماية البيانات الشخصية الفلسطيني، وإبداء موقف واضح منه؛ مبنيٍّ على مبادئ القانون الأساسي الفلسطيني والمواثيق والمعايير الدّولية ذات العلاقة.
تعدُّ الخصوصية وحماية البيانات الشّخصية من أبرز الحقوق الرّقمية، الّتي تتقاطع مع تواجد أي شخص في الفضاء الرّقمي أو استخدامه/ا لوسائل التّواصل الرّقمية أو منصّاتها أو تطبيقاتها على اختلاف أنواعها. وفي الوقت الذي تطرّق عدد من المواثيق الدولية للحقّ في الخصوصية؛ خصّه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية، بشكل أساسي وصريح؛ ملزمان ضرورة حمايته في المواد (12)؛ و(17)؛ على التوالي. وبينما استمر الحق بالخصوصية بالتطور والتفرع والتعمّق في تفاصيل الحياة وتقاطعات الفضاء الرقمية وشخصية الإنسان وهُويته وحياته الخاصة ما وراء الشاشات؛ اعتبُر هذا الحق أساسًا لتمتّع الفرد بحقوقه وحرياته الأخرى، وممارستها على الواقع كما في الفضاء الرّقمي. ما استدعى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى إنشاء الولاية الأولى بشأن الخصوصية "المقرر الخاص المعني بالحقّ في الخصوصية" في العام 2015. وسعت دول العالم إلى بلورة قوانين تنظم ممارسة هذا الحقّ على أرض الواقع كما رقميًّا. ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)؛ حتّى اللحظة، هنالك 137 دولة من أصل 194 دولة لديها قوانين نافذة، بشأن الخصوصية وحماية البيانات، في الوقت الذي تقع فيه دولة فلسطين بين 9% فقط ممن لديها مشاريع قوانين بهذا الشأن؛ لم تصدر أو تنفّذ حتّى اليوم.
لاحقًا لانضمام دولة فلسطين لسبع اتّفاقيّات دوليّة أساسيّة لحقوق الإنسان؛ من بينها العهد الدّولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسية من دون أيّة تحفّظات في العام 2014، أصبح واجبًا على السلطة الفلسطينية اتّخاذُ كامل التدابير الممكنة؛ بما فيها من إصدار التشريعات لتنفيذ جميع التزاماتها تجاه الحقوق والحريات بموجب هذا العهد، الذي يُعدّ الحقُّ بالخصوصية من أبرزها. إلا أنّه، وبالرغم من ذلك، ومن نص المادة (1/10) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدّل لعام 2003 (القانون الأساسي) الّتي أفادت بأنّ: "حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام"، والمادة (17) منه، التي تطرقت لحظر اختراق خصوصيّة المساكن دون أمر قانوني مسبِّب وفقًا لأحكام القانون؛ لم يتم، حتّى اليوم، إصدار قانون فلسطيني شامل متكامل، ينظّم مفهومَ وأُسسَ وقواعد حماية حقّ الخصوصية، بما في ذلك جانب البيانات الشخصية الرّقمية منه، على وجهٍ يُمكّن الفلسطينيين والفلسطينيات من معرفة حقوقهم والتزاماتهم تجاه الكافة، ويضمن محاسبة كلّ من يستغلّ البيانات على نحو تعسّفي؛ دون تمييز، أو تفرقة بين أيٍّ من القطاعات؛ سواء من القطاع الأهلي أم الخاص أم السُّلطات العامّة، أو غيرها من الأفراد والجهات بصورة تتماشى مع أداء دولة فلسطين بالتزاماتها وفقًا للاتفاقيات الدّولية. إلّا أنه، ومنذ العام 2016، شكّل مجلس الوزراء لجنةً للعمل على إعداد مسوّدة قانون لحماية البيانات الشّخصية، ما زالت حتى الآن في أروقة المجلس؛ تمّ عرضها للمرة الثالثة على الوزارات المتخصصة للمراجعة والملاحظات.
مركز حملة - المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي إحدى المؤسسات الحقوقية؛ التي تخصّص جهودها كافّة لتعزيز الحقوق الرّقمية الفلسطينية. وكجزء من ذلك يُعنى مركز حملة أيضًا بتعزيز الحقّ في الخصوصية وحماية البيانات الشّخصية الرّقمية؛ فأصدر العديد من التّقارير والاستطلاعات والدّراسات والأدلة التي تسلّط الضوء على مفهوم الخصوصيّة وواقعه، وضرورة حماية هذه البيانات سواء من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي؛ أو من أيّ اختراق واستغلال ومعالجة غير مشروعة، وتناقل لهذه البيانات، في ظلّ السياق الدّاخلي المحلي لمجتمعنا الفلسطيني. رافق ذلك أيضًا، تقديم سلسلة واسعة من التدريبات، وخوض الورشات والنقاشات، التي استهدفت فئات متنوعة من المجتمع؛ بهدف رفع الوعي حول هذا الحقّ، لوضعه على طاولة النّقاش بشكل دائم. كذلك، خاض مركز حملة العديد من الحملات الرقمية ولقاءات المناصرة، الّتي سعت لإحداث تغيير إيجابي في سياق الحقّ بالخصوصية، والتأثير والضغط على صنّاع القرار؛ لإصدار قانون يحمي الحقّ بالخصوصية والبيانات الشخصية؛ يصدر بشكل دستوري، تشاركي ومبني على أسس الشّفافية ونهج حقوق الإنسان والمرجعيّات الدّولية. وفي هذا الصدد، تُعنى ورقة الموقف هذه، الصادرة عن مركز حملة بمراجعة مسوّدة مشروع قرار بقانون حماية البيانات الشخصية الفلسطيني وفقًا لنسخة القراءة الثالثة منه المؤرّخة في 15 حزيران 2022 وإبداء الملاحظات بشأنها.
اطّلعوا على الورقة كاملة من هنا
وابقى/ي على اطلاع بأحدث أنشطتنا، أخبارنا، وإصداراتنا!