اصدارات
بياناتي الشخصية... متى تكون ملكاً لي أو لغيري؟

2019-08-20

سنجيب في هذا المقال عن بعض التساؤلات في مجال ملكية البيانات وحمايتها

بياناتي الشخصية... متى تكون ملكاً لي أو لغيري؟

في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن، تعتبر البيانات الشخصية العامل الرئيسي لتطور التقنيات وزيادة دقتها وجودتها والسبب الرئيسي لوصول المنتجات المناسبة للشخص المناسب… فبعد تجميعها وحفظها وتحليلها ودراستها، يمكن الاستفادة منها على نطاق واسع جداً، وفي مختلف المجالات.

يشير تقرير لشركة كومودو Qumodo الرائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة، انه في عام 2017 تم تسجيل حوالي 25 كوينتيليون بايت من البيانات في اليوم الواحد. وبعد انتشار العديد من المواضيع المتعلقة بأمن المعلومات، والقضايا القانونية التي تخضع لها بعض الشركات مثل Facebook بسبب عدم التزامها بمعايير الأمن الرقمي وحقوق المستخدم، بدأنا نتساءل… متى تكون بياناتي الشخصية ملكاً لي؟ ومتى تكون ملكاً لغيري؟ وهل للشركات حق لامتلاك بياناتي الشخصية؟

الكثير من الأسئلة قد تطرح في هذا السياق وهنا جاء دورنا لنجيب.

ملكية البيانات الشخصية

منطقياً، إذا تم إعطائي تحكماً كاملاً في بياناتي لأنها بياناتي أنا، فإنه يجب على المنظمات التي أوكَلْتُ إليها بياناتي، ابلاغي بجميع الطرق التي سيتم استخدامها بها، ونظرياً، يجب أن يكون ذلك ممكناً لمنع الاستخدام غير المسؤول والغير مشروع لبياناتي، وغالباً يتم عرض هذه التفاصيل بما يعرف بشروط الخدمة أو شروط الاستخدام والتي دائماً لا يقرأها أحد بسبب طولها وكثرة الكلام فيها، وعملياً الموضوع معقد جداً وهناك قضيتان مهمتان يجب علينا ادراكهما:

الأولى: أنه من الصعب جداً عزل ملكية جزء من البيانات الشخصية إلى فرد واحد محدد. والثانية: أن موضوع البيانات لا يمكن أن يكون له سيطرة مطلقة، من غير أن تكون المنظمات شفافة وشاملة في شروط خدماتها وشروط استخدامها لكل الطرق الممكنة لاستخدام بيانات شخص ما من خلالها.

عودة للقضية الأولى... لنأخذ تاريخ ميلادي على سبيل المثال، فهو أيضاً تاريخ كانت فيه والدتي في مستشفى معين تنجب فيه طفلاً. ومن هنا ندرك أن البيانات ذات معنى، فقط عند تقديم البيانات الوصفية الخاصة بها، مثلاً 15/07/1996 هو مجرد سلسلة من الأرقام والأشرطة المائلة للخلف، ولكنها تكتسب بعض المعنى عندما يتم وصفها كتاريخ، ومعنى آخر عندما يتم تحديدها على أنها تاريخ ميلاد، وهكذا.... لكن البيانات الوصفية التي تجعل البيانات ذات مغزى هي المسؤولة أيضاً عن انهيار فكرة، أن الفرد المالك لهذه البيانات يمكنه المطالبة بها.

وذلك يعني لو انني أطالب بعدم استخدام بياناتي كتاريخ ميلادي مثلاً، فيجب أيضاً أخذ موافقة والدتي لأن التاريخ يخصها أيضاً! وهنا يبدأ التعقيد.. فالبيانات في هذا العالم ضخمة جداً، وبينها علاقات عشوائية ومتنوعة بشكل هائل، وعملية فصل هذه البيانات لتكون ملكاً لشخص واحد، فهي مستحيلة.

إذاً ماذا يتوجب عليّ أن أفعل لأحافظ على أمن معلوماتي وسريّتها لدى مالكيها؟

أولاً، علينا معرفة أنواع البيانات وأهمية سريتها بالتدرج... فتصنيف المعلومات هو عملية تقوم بها المنظمات بتقييم البيانات التي تحتفظ بها ومستوى الحماية الذي يجب توفيره لها، وعادةً ما تصنف المنظمات المعلومات من حيث السرية - أي من يُمنح حق الوصول لرؤيتها. 

ويتضمن النظام النموذجي أربعة مستويات من السرية:

1- سري (الإدارة العليا فقط لها حق الوصول) مثل: أرقام الضمان الاجتماعي، أرقام بطاقات الائتمان، السجلات الصحية، السجلات المالية، سجلات الطلاب.

2- محظور (معظم الموظفين لديهم حق الوصول) مثل: العنوان، تاريخ الميلاد، تاريخ الوفاة، الجنس، عنوان البريد الإلكتروني والويب.

3- داخلي (جميع الموظفين لديهم حق الوصول) مثل: بيانات التوظيف العامة (على سبيل المثال المرتب), معلومات شريك العمل في حالة عدم وجود اتفاقية سرية أكثر تقييداً، والعقود

4- عام (كل شخص لديه حق الوصول) مثل: بيان صحفي منشور على الملأ، مواد التسويق المتاحة للجمهور، إعلانات الوظائف المنشورة علناً

ثانياً، التعرف على طرق استخدام البيانات في كل التطبيقات والمواقع والبرامج التي نستخدمها يومياً، نعم تماماً كما أقول لكم، فقراءة مئات الأسطر من ميثاق او معاهدة ما، قبل الضغط على زر "موافق" ستكون مهمة من الآن، وذلك لنتمكن من معرفة كيفية تحديد صلاحيات هذه البرامج من الوصول إلى هذه البيانات…

فإن كان تطبيقاً كالألعاب الإلكترونية أو تطبيقاً يستخدم صورتي الحالية ويمررها من خلال خوارزمية ذكاء اصطناعي معينة ثم تقوم بتوليد صورة أخرى لي؛ لتتنبأ بشكلي وأنا عجوز، فهو حتماً لا يحتاج بياناتٍ كاسمي، وعمري ومكان سكني وحيث ولدت وعشت ودرست وعملت…

أما لو كان تطبيقاً يعمل على تزويدي بمكان أقرب مطعم في جواري، فهو يحتاج الوصول لبياناتي التي تحدد موقعي على الخارطة.

وهنا علينا استخدام المنطق، واتخاذ الحيطة والحذر، من خلال التعديل على الإعدادات في الأجهزة التي نستخدمها للوصول لهذه البرامج، كالهواتف الذكية مثلاً، فينصح بالذهاب الى الاعدادات وتحديد صلاحيات هذه التطبيقات لاستخدام البيانات الشخصية، فمثلا تطبيق Facebook لا يمكنه استخدام معلوماتي ويعمل في خلفية الهاتف في حين لم افتحه أو استخدمه في حينها.

وثالثاً، يأتي دور تغيير الإعدادات، امسكوا هواتفكم الذكية واتبعوا الخطوات التالية:

1- بيانات مكانك الحالي Location أو GPS

عليك الدخول لخانة الموقع الجغرافي location أو GPS من إعدادات الخصوصية ثم تحديد التطبيقات التي يمكن لها استخدام موقعك الحالي، ويفضل دائماً أن تكون مغلقة (off أو never) إلا إذا كان تطبيقاً يستخدم هذه البيانات لهدف واضح جداً كما في المثال السابق، حينها يجب عليك اعطائه صلاحية استخدام بياناتك فقط خلال استخدامك للتطبيق وليس دائماً (While Using)

2- الكاميرا Camera:

عليك الدخول لخانة الكاميرا Camera من إعدادات الخصوصية  ثم تحديد التطبيقات التي يمكن لها استخدام الكاميرا.

3- الميكروفون Microphone:

عليك الدخول لخانة الميكروفون Microphone من إعدادات الخصوصية  ثم تحديد التطبيقات التي يمكن لها استخدام الميكروفون.

4- تكرار نفس العملية لكل من الخصائص الموجودة في إعدادات الخصوصية وهي (الصور، البلوتوث، جهات الاتصال، التقويم، التنبيهات، الموسيقى وغيرهم..)

5- الدخول لاعدادات كل تطبيق على انفراد وتغيير الإعدادات أيضاً، مثلاً تطبيق Truecaller يجب أن تكون بيانات حسابك ورقمك الشخصي غير متاحة لكل مستخدمي التطبيق…

ومثلا منع فيسبوك من حفظ سجل اماكن تواجدك 

اجعلها عادة دائماً حين تثبت أي تطبيق على هاتفك، أول شيئ عليك فعله هو تحديد صلاحياته لاستخدام بياناتك.

أما بخصوص الويب وأجهزة الحاسوب:

1- حاول أن تستخدم شبكة افتراضية خاصة VPN لأنها تُعزز بشكل كبير في الحفاظ على خصوصيتك بقدر الإمكان، من خلال العمل على إنشاء اتصال خاص وآمن بينك وبين خوادم خارجية تمحي كل أثر لك على الإنترنت بحيث لا يمكن لأي شخص آخر رؤية حركة المرور الخاصة بك على الإنترنت، فقط تأكد أنك تستخدم خدمة VPN لا تحتفظ بأي سجلات لك.

وتجنب استخدام شبكات الواي فاي العامة، خاصة في حال تفقد حسابك البنكي في مقهى مثلاً أو أية بيانات حساسة، تجنب الشبكات المجانية دائماً.

2- استخدم متصفح ويب مجهول AWB بامكانك استخدام وضع (متنكر) incognito في متصفح chrome والذي يخزن معلوماتك لفترة مؤقتة فقط ثم يحذفها تماما، أو استخدام متصفح خاص، مثل متصفح Tor الذي سيقوم بتوجيه حركة المرور الخاصة بك عبر شبكة مخفية مما يجعل من الصعب جدًا تتبعك، أما إذا كنت لا تريد أن التخلي عن أحد المتصفحات المشهورة فعليك الانتباه جيداً لكل نافذة خارجية تقفز لك فجأة عند التصفح فهذا إشارة بأن هنالك شيء ما لا يجري بشكل طبيعي مع هذا المتصفح.

3-  عليك تشغيل برامج مكافحة الفيروسات على حاسوبك الشخصي مثل Windows Defende و McAfee. فهذه البرامج تحمي حاسوبك وبياناتك من الاختراق او التعرض لأي برامج ضارة في أي وقت.

 

هل وجدت هذا المقال مفيداً؟ شاركوه مع مجتمعكم لمعرفة المزيد عن ملكية البيانات وحمايتها.

انضم/ي لقائمتنا البريدية

وابقى/ي على اطلاع بأحدث أنشطتنا، أخبارنا، وإصداراتنا!