2025-04-02
رسالة مفتوحة: أوقِفوا الهجوم الممنهج الذي تشنّه الحكومة الإسرائيلية على المجتمع المدني
3 نيسان 2025 - نحن، منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل، والموقّعة أدناه، نكتب بقلقٍ بالغٍ وإنذارٍ عاجلٍ إزاء تصعيد الحكومة الإسرائيلية لجهودها الهادفة إلى تفكيك المجتمع المدني، وقمع منظمات حقوق الإنسان، والقضاء على أيّ نشاطٍ مستقلّ يدعو إلى العدالة والمساءلة. تأتي هذه الهجمات، التي تُلحق أضرارًا إضافيّةً بالفلسطينيين، في ظلّ القصف الإسرائيلي المتجدّد والمدمّر لغزة، والحصار المتواصل، كجزءٍ من الإبادة الجماعيّة المستمرّة بحقّ الفلسطينيين في غزة، بالإضافة إلى مخططات التهجير القسريّ للشعب الفلسطينيّ من وطنه، وهو ما تدينه المنظمات الموقّعة بشكلٍ قاطع.
من خلال تشريعاتٍ وإجراءاتٍ سياسيّة، تعمل إسرائيل على تسليح الأدوات الماليّة والقانونيّة والإداريّة لإسكات المنظمات التي توثّق وتلاحق قانونيًّا انتهاكات حقوق الإنسان، وعرقلة العدالة، وقمع الأصوات المعارضة. تُشكّل هذه الإجراءات جزءًا من استراتيجيّةٍ أوسع لترسيخ الإفلات من العقاب، وحماية إسرائيل من الرقابة، في الوقت الذي تواصل فيه اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، وسط ما وصفته العديد من المنظمات الدوليّة المرموقة بالإبادة الجماعيّة.
شلّ المجتمع المدني من خلال الضرائب الاستبدادية
يسعى مشروع قانون الضرائب على المنظمات غير الحكوميّة، الذي يجري الدفع به حاليًّا في الكنيست، إلى فرض ضريبة بنسبة 80% على التمويل الحكومي الأجنبيّ المقدَّم لمنظمات المجتمع المدني المسجّلة كمنظمات غير حكوميّة في إسرائيل. كما يسعى القانون إلى منع المنظمات التي تُموَّل بشكلٍ أساسيّ من جهاتٍ حكوميّة أجنبيّة، كما تُعرّفها إسرائيل، من التوجّه إلى المحاكم الإسرائيليّة. يُعدّ هذا التشريع المقترح هجومًا مباشرًا على الاستدامة الماليّة للمنظمات التي تراقب وتوثّق انتهاكات حقوق الإنسان، وخصوصًا تلك التي توثّق جرائم الحرب والانتهاكات التي ترتكبها الدولة الإسرائيليّة.
تجريم العدالة: قانون المحكمة الجنائيّة الدوليّة
مشروع قانون تشريعيّ آخر يُهدّد بتجريم أيّ تعاونٍ مع المحكمة الجنائيّة الدوليّة، ويَفرض عقوباتٍ بالسجن تصل إلى خمس سنوات على الأفراد الذين يقدّمون وثائق أو شهادات تتعلّق بجرائم الحرب الإسرائيليّة. يُعدّ هذا القانون المقترح محاولةً فاضحةً لعرقلة المسارات القانونيّة الدوليّة، وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان الإفلات من العقاب للمسؤولين الإسرائيليين والعسكريين المتورّطين في انتهاكات جسيمة للقانون الإنسانيّ الدولي.
حملة على تسجيل المنظمات الدوليّة غير الحكوميّة
تمنح توجيهاتٌ حكوميّة جديدة السلطات الإسرائيليّة صلاحياتٍ واسعة لرفض أو إلغاء تسجيل المنظمات الدوليّة غير الحكوميّة العاملة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، بما في ذلك تلك التي تُقدّم مساعداتٍ إنسانيّة ضروريّة أو توثّق انتهاكات حقوق الإنسان. وتسعى هذه الحملة إلى القضاء على الرقابة المستقلّة والمساعدات الإنسانيّة.
منع الدخول بسبب دعم المساءلة الدوليّة
في 19 شباط 2025، أقرّ الكنيست الإسرائيلي تشريعًا يُوسّع القيود المفروضة على دخول غير المواطنين، ويَمنع الإقامة أو الدخول إلى إسرائيل على أساس مواقف سياسيّة مُعرّفة بشكلٍ فضفاض. وبموجب هذا القانون، يمكن منع الأفراد أو المنظمات الذين – بحسب السلطات الإسرائيليّة – أنكروا أحداث السابع من أكتوبر أو الهولوكوست، أو عبّروا عن دعمهم لجهود المساءلة القانونيّة ضدّ عناصر من القوات المسلحة الإسرائيليّة أمام المحاكم الدوليّة، من الدخول إلى إسرائيل. يأتي هذا التشريع امتدادًا لتعديلٍ أُقرّ عام 2017، والذي منع دخول الأفراد أو المنظمات الداعية إلى مقاطعة إسرائيل. وعمليًّا، لطالما استخدمت إسرائيل مثل هذه القيود لمنع دخول المدافعين عن حقوق الإنسان، والمهنيين القانونيين، وفاعلي المجتمع المدنيّ الناقدين لسياساتها. تُستغلّ هذه البنود المبهمة من قبل إسرائيل لعرقلة الرقابة والمساءلة الدوليّة، ما يُعمّق من عزل جهودنا في الدفاع عن حقوق الإنسان عن آليّات العدالة العالميّة.
نَحثّ الحكومات، والمؤسسات الدوليّة، والمجتمع المدني على التحرّك الفوري. يجب على الحكومات اشتراط حماية منظمات حقوق الإنسان بعلاقاتها الثنائيّة. ويجب على الهيئات القانونيّة الدوليّة الطعن في شرعيّة هذه التدابير وضمان المساءلة. كما يجب على المنظمات الدوليّة غير الحكوميّة والجهات المانحة الحفاظ على دعمها للمنظمات الفلسطينيّة المُهدَّدة وتوسيعه، بما يضمن لها الموارد اللازمة لمواصلة عملها الحيويّ. ويجب على الجمهور الضغط على حكوماتهم لمعارضة تجريم إسرائيل للدفاع عن حقوق الإنسان، ودعم آليّات العدالة المستقلّة، مثل المحكمة الجنائيّة الدوليّة.
في هذه اللحظات، الصمت هو تواطؤ. على المجتمع الدولي أن يتحرّك عاجلاً لحماية المجتمع المدنيّ والدفاع عن الحقوق الأساسيّة.
الجهات الموقعة:
وابقى/ي على اطلاع بأحدث أنشطتنا، أخبارنا، وإصداراتنا!